icon

info@hcf-ye.org

icon

الجمهورية اليمنية - حضرموت - المكلا - جانب جامع وارساما - عمارة بارشيد الشرج

Image
رانيا.. أقوى من السرطان

بين جدران رياض الأطفال، كانت رانيا أحمد تجد ملاذها وفرحتها. عملها كعاملة خدمات في الروضة كان أكثر من مجرد وظيفة، بل كان رسالة تعتز بها. كانت تستمتع برؤية الابتسامات تملأ وجوه الأطفال الصغار. ولكن، عندما واجهت تحدياً غير متوقع، أدركت أن الحياة مليئة بالمفاجئات، وأن التغيير هو جزء لا يتجزأ منها، فبإيمانها القوي وحبها للحياة ولأسرتها، قررت أن تواجه تحديها بكل قوة وإصرار.
ففي رمضان من العام (2020م) بدأت القصة بحبّة صغيرة في ثديها، لم تبدو خطيرة في البداية، لكن إصرار أختها ووعيها بأهمية الكشف المبكر دفعاها لإجراء الفحوصات الطبية. كانت الصدمة النفسية كبيرة عندما أخبر الطبيب زوجها بأنها مصابة بالسرطان، وتتحدث عن هذه اللحظة وتقول: "أخبرني زوجي نقلاً عن الطبيب بأني مصابة بورم خبيث كنت غير مستوعبة ولا أعي ما يقول وكأن العالم قد انقلب رأساً على عقب وكأنني سأفقد كل شيء أحبة ".
كانت مواجهة رانيا مع المرض مواجهة شاقة. العلاج الكيمياوي كان يمثل لها كابوساً متكرراً، حيث كانت تخاف من آثاره الجانبية المؤلمة والمتعبة. خوفها من العملية الجراحية، خاصة في ظل الظروف الصحية في اليمن، زاد من معاناتها. لكن بفضل الله ودعم متطوعات مؤسسة حضرموت لمكافحة السرطان، وجدت رانيا الأمل والدعم النفسي الذي احتاجته لمواصلة طريقها. كانت زياراتهن الدائمة وكلماتهن التشجيعية وقوداً يمدها بالطاقة الإيجابية، ويذكرها بأنها ليست وحدها في هذه المعركة.
لم تكن معاناة رانيا مقتصرة على الجانب الصحي فحسب، بل امتدت لتشمل جميع جوانب حياتها. فقد ترك المرض بصماته على دورها كأم وزوجة ومرأة عاملة. كانت تجد صعوبة في القيام بأبسط المهام المنزلية، وشعرت بالوحدة والعجز. ولكن، بفضل دعم أسرتها وزوجها، تمكنت من تجاوز هذه المرحلة الصعبة، وكما تقول رانيا في ذلك: "في هذه الفترة شعرت بالوحدة وبضعف عام في جسدي وتساقط شعري ولكن بدعم من متطوعات المؤسسة وأهلي وزوجي استطعت تخطي ذلك".
وتقول عن زوجها: " زوجي كان داعمي الأول وسندي فهو من يطبخ لي ولأولادي الأكل ويقوم بأعمال البيت وكان دائما يحرص على توفير غذاء صحي لي برغم وضعة الاقتصادي الصعب".
بعد أشهر من المعاناة والتحدي، بدأت تظهر بوادر التعافي على رانيا. كانت تجد في الصلاة والاستغفار والدعاء ملاذها وسبباً لتماسكها. مع كل ركعة كانت تتضرع إلى الله أن يشفيها ويعافيها، وكانت إيمانها الراسخ بالله سبحانه وتعالى هو الدافع الذي يدفعها إلى الأمام. ومع كل تحسن في حالتها الصحية، كانت تعود تدريجياً إلى ممارسة حياتها اليومية، حيث كانت تجد في العمل في الروضة متعة وراحة نفسية وانتصرت على المرض الخبيث.
أدركت رانيا أهمية الاستفادة من الوقت وتطوير الذات بعد أن استعادت عافيتها بفضل الله. فبدأت بتعلم حرف يدوية كصناعة الإكسسوارات والريزن، واكتشفت شغفاً جديداً. قررت أن تشارك هذه الموهبة مع زميلتها، وأن تفتتحا معاً متجراً أسمياه (متجر سهالة للاكسسوارات والريزن) واختارت اسم سهاله كجزء من رد الجميل لأبرز متطوعات المؤسسة التي قامت بدعمها أثناء فترة مرضها –سهالة باحيدرة-، هذا المشروع لم يكن مجرد مصدر دخل إضافي، بل كان وسيلة للتعبير عن نفسها وإطلاق العنان لإبداعها.
كما أنها لم تنسَ واجبها الاجتماعي، إذ التحقت برابطة المتطوعات بمؤسسة حضرموت لمكافحة السرطان، حيث تساعد المرضى الأخريات وتقدم لهن الدعم النفسي والمعنوي كلما استطاعت.
تقول رانيا: "مرض السرطان كان بمثابة امتحان صعب، ولكنني نجحت في اجتيازه بفضل الله ودعم أحبائي. تعلمت أن الحياة قصيرة، وأن علينا أن نستمتع بكل لحظة فيها. وأن المرض لا يعني نهاية الحياة، بل هو بداية جديدة، فلا يأس مع الحياة، فقط تمسكوا بحبل الله وهو سيهون كل صعب عليكم".
وعن نظرتها للحياة بعد تجربة المرض، فهي متمسكة بقوله تعالى: (وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، مؤكدةً أن المرض لم يغير نظرتها للحياة، بل زادها إيماناً بأن أقدار الله كلها خير."
لم تكتفِ رانيا بالتغلب على مرضها، بل حولت تجربتها إلى مصدر إلهام للآخرين. من خلال مشروعها الصغير - متجر سهالة للاكسسوارات والريزن- وعملها التطوعي، أثبتت أن المعاناة يمكن أن تكون بداية رحلة جديدة مليئة بالإبداع والعطاء. قصتها تدعونا جميعاً إلى أن نكون مصدر نور وامل لمن حولنا.
كما لا ننسى دعم الأسرة والأصدقاء والمجتمع كان له دور كبير في شفاء رانيا، فقصتها تذكرنا بأهمية التكاتف والتآزر، وأننا جميعاً بحاجة إلى بعضنا البعض في مواجهة تحديات الحياة. لنكن جميعاً مثل رانيا، نمد يد العون لمن يحتاجها.

#يداً_بيد_نزرع_الأمل
#مؤسسة_حضرموت_لمكافحة_السرطان
#متجر_سهالة
#قصص_النجاح
#علاج_السرطان

image